السكينة في القرآن: طمأنينة تنزل من السماء
في عالم يموج بالقلق والتقلبات، يظلّ الإنسان يبحث عن ملاذٍ يأويه من
ضوضاء الحياة واضطرابها. وبين صفحات القرآن الكريم، نجد كلمةً فريدة تحمل في
طياتها معاني الراحة والسلام: السكينة. إنها ليست مجرد حالة نفسية عابرة، بل عطية
ربانية يسكبها الله في قلوب من شاء من عباده، لتكون نورًا يثبتهم في الشدائد،
وراحةً تغمر أرواحهم حين تضيق الأرض بما رحبت.
ما معنى السكينة؟
السكينة لغةً مأخوذة من السكون والثبات، أما في القرآن فهي حالة من
الطمأنينة والرضا يلقيها الله في القلب، فيزول الخوف ويستقر الإيمان. يقول تعالى:
"هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ
الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ" [الفتح: 4].
فالسكينة ليست جهدًا بشريًا يُكتسب، بل منحة إلهية تفيض على قلب
المؤمن حين يلتجئ إلى ربه.
مواضع ذكر السكينة في القرآن
وردت السكينة في عدة مواضع في القرآن، وغالبًا ما جاءت في لحظات حرجة
مليئة بالخوف أو القلق:
في غزوة بدر: حين قلوب الصحابة تضطرب لقلة العدد والعدة، أنزل الله
سكينته عليهم.
في الهجرة: في الغار، حين قال النبي ﷺ لأبي بكر: "لا تحزن إن
الله معنا"، نزلت السكينة فغمرتهما بالطمأنينة.
في صلح الحديبية: حين امتلأت النفوس بالقلق من شروط المعاهدة، أنزل
الله السكينة لتستقر القلوب.
هذه المواقف تعلمنا أن السكينة تتنزل في أحلك اللحظات، لتكون بردًا
وسلامًا على القلب.
كيف ننال السكينة في
حياتنا اليومية؟
السكينة
ليست حكرًا على لحظات التاريخ، بل هي متاحة لكل قلب مؤمن يصدق في التوجه إلى الله.
ويمكننا أن نعيشها عبر:
·
كثرة الذكر: فالقلوب لا تطمئن إلا بذكر
الله.
·
التوكل على الله: حين نسلّم أمورنا له،
يبدل القلق راحة.
·
الصلاة وتلاوة القرآن: فهي أبواب تنفتح
منها أنهار السكينة.
·
الرضا بالقضاء: فالقلب الراضي مستقر لا
تهزه العواصف.
السكينة… هدية من الله
حين
نقرأ قصص القرآن، نفهم أن السكينة لا تعني غياب التحديات، بل حضور الله في قلوبنا
وسط العاصفة. هي يقينٌ أن الأمر كله بيده، وأن الفرج أقرب مما نظن.
فاللهم
ارزقنا سكينة في القلوب، وثباتًا عند الشدائد، وطمأنينة لا تزول مهما تبدلت
الأحوال.