لماذا احزن والله معي

الحزن شعور لا يفارق حياة البشر. نولد ونحن نحمل في قلوبنا مساحة للفرح وأخرى للألم، نعيش لحظات من البهجة، وأخرى من الانكسار. لكن المؤمن يتميّز عن غيره بأمر عظيم: أن…

الواثقه بالله
المؤلف الواثقه بالله
تاريخ النشر
آخر تحديث

 

الحزن شعور لا يفارق حياة البشر. نولد ونحن نحمل في قلوبنا مساحة للفرح وأخرى للألم، نعيش لحظات من البهجة، وأخرى من الانكسار. لكن المؤمن يتميّز عن غيره بأمر عظيم: أنه يعرف أن له ربًا عظيمًا، رحيمًا، قريبًا، يسمع أنينه ويرى دموعه. وحين يستشعر معية الله، يدرك أن الحزن لا يستحق أن يُسيطر على قلبٍ يملكه الله.

 السؤال الذي نطرحه على أنفسنا في لحظات الضعف: لماذا أحزن والله معي؟

الحزن في حياة الأنبياء

قد نظن أن الحزن ضعف، لكن القرآن يعلّمنا أن الحزن طبيعة بشرية مرّت حتى بالأنبياء:

يعقوب عليه السلام: فقد ابنه يوسف سنوات طويلة حتى قال الله:

﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [يوسف: 84].

ومع ذلك ظل قلبه مليئًا بالرجاء وهو يردد: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87].

النبي ﷺ: حزن لفقد أحبّ الناس إليه، حتى سُمّي العام الذي فقد فيه خديجة وعمه أبي طالب بـ"عام الحزن". لكنه لم يستسلم لليأس، بل حمل رسالة ربه بإيمان أعظم.

هذا يعلّمنا أن الحزن لا يتنافى مع الإيمان، لكنه يصبح أخفّ حين نعيش معية الله.

ما معنى أن يكون الله معي؟

معية الله ليست مجرد كلمات، بل هي يقين يملأ القلب:

أنه يراني حيث لا يراني أحد.

يسمع همسي قبل أن أنطقه.

يحيط بي بعلمه وقدرته ورحمته.

يبدّل خوفي أمنًا، وقلقي طمأنينة.

وقد قال الله لنبيه ﷺ وصاحبه في الغار:

﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40].

كلمات قليلة، لكنها كانت كفيلة بأن تطمئن قلب أبي بكر، وهو محاط بجيش الأعداء.

لماذا لا يستحق الحزن أن يسيطر على قلب معي الله؟

v    لأن الله القادر على تفريج الكربات:

v    كل همّ مهما عظم، بيد الله أن يرفعه في لحظة.

 

v   لأن الله يعلم الحكمة مما نمر به:

v    ما تراه خسارة قد يكون بابًا لأكبر مكسب في حياتك.

 

v    لأن الله وعدنا باليسر بعد العسر:

v    ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 6].

 

v    لأن الله لا يترك عباده:

v    إذا كان حاضرًا في كل لحظة، فمن ذا الذي يغلبك أو يكسر قلبك؟

كيف نخفف الحزن بمعية الله؟

- الدعاء

ارفع يديك وقل: "اللهم إني فوضت أمري إليك، فلا تكلني إلى نفسي."

الدعاء يُشعر القلب أن الله قريب، وأنك لست وحدك في مواجهة حزنك.

- القرآن

آيات القرآن تبعث السكينة. اقرأ قصص الأنبياء لتدرك أن الشدائد زائلة، وأن الله ينصر عباده دائمًا.

- الذكر

ردّد: "لا إله إلا الله"، "حسبنا الله ونعم الوكيل"، "اللهم أنزل على قلبي سكينتك."

الأذكار تغسل القلب من الهموم.

- تذكّر نعم الله

اكتب على ورقة نعمًا أنعم الله بها عليك: صحتك، عائلتك، رزقك... ستدرك أن نعم الله أكبر من أحزانك.

- الصحبة الصالحة

اجلس مع من يذكّرك بالله، فالكلمة الصادقة تُحيي القلب.

- الرضا بالقضاء

قل لنفسك: "اختيار الله خير من اختياري."

هذا اليقين يطفئ الحزن.

رسائل للقلب الحزين

لست وحدك، الله معك.

دموعك ليست هدرًا، الله يراها.

حزنك لن يطول، لأن الله وعد بالفرج.

كل باب يُغلق أمامك، الله يفتح لك بابًا أجمل.

ما دام الله معك، لا أحد يقدر أن يهزمك.

قصص تبعث الأمل

يوسف عليه السلام: ألقي في الجب، وسُجن ظلمًا، لكنه خرج عزيزًا مكرمًا.

أم موسى: ألقت وليدها في البحر بأمر الله، فكان البحر أرحم به من صدرها، وعاد إليها رسولًا كريمًا.

النبي ﷺ: طُرد من مكة، لكنه عاد إليها فاتحًا.

كل قصة تقول لك: حزنك مؤقت، ومع الله يتحوّل إلى قوة.

خاتمة

الحزن سيطرق قلبك يومًا، لكن لا تسمح له أن يستوطن داخلك. ذكّر نفسك في كل مرة: لماذا أحزن والله معي؟

إذا استشعرت هذه المعية، ستدرك أن كل همّ سيزول، وكل دمعة ستُمسح، وكل ضيق سينقلب فرجًا.

فلتكن كلمتك اليوم:

"اللهم إني بك أستعين، وبك أستأنس، ومعك لا أحزن."

تعليقات

عدد التعليقات : 0