بين القصة والواقع

في قرية هادئة تحيطها الجبال من كل جانب، كان هناك بستان كبير يملكه رجل مسنّ. اعتاد الناس أن يزوروا هذا البستان ليستمتعوا بجمال أشجاره المثمرة وزهوره المتنوعة. لكن …

الواثقه بالله
المؤلف الواثقه بالله
تاريخ النشر
آخر تحديث

 


في قرية هادئة تحيطها الجبال من كل جانب، كان هناك بستان كبير يملكه رجل مسنّ. اعتاد الناس أن يزوروا هذا البستان ليستمتعوا بجمال أشجاره المثمرة وزهوره المتنوعة. لكن وسط هذا الجمال، كانت هناك زهرة صغيرة تنمو في مكان غريب بين الصخور، بعيدة قليلًا عن بقية الأزهار.

نظر إليها الكثيرون بازدراء وقالوا: "لن تعيش طويلًا، فالأرض التي تنمو فيها صلبة وقاسية، ولا يصلها الماء بسهولة." لكن على عكس التوقعات، كبرت تلك الزهرة يومًا بعد يوم، وبدأت تلفت أنظار كل من يمرّ من هناك.

🌸 بداية العواصف

لم يكن البستان في مأمن من التغيّرات الجوية. ففي أحد الأعوام، ضربت القرية عواصف شديدة لم يعتد الناس مثلها من قبل. تساقطت الأشجار الكبيرة، وانكسرت الأغصان، وذبلت بعض الأزهار.
وقف الناس في دهشة حين رأوا أن الزهرة الصغيرة التي نمت بين الصخور ما زالت صامدة. كانت تتمايل مع الريح لكنها لا تنكسر.

قال أحد الأطفال بدهشة:

"كيف يمكن لهذه الزهرة الصغيرة أن تبقى واقفة، بينما الأشجار الكبيرة سقطت؟"

🌼 سرّ الصمود

اقترب الرجل المسنّ مالك البستان وقال:

"السر يا بني ليس في حجم الزهرة ولا في قوة ساقها، بل في جذورها. لقد تعلّمت كيف تغوص عميقًا في التربة بين الصخور، وتستمد قوتها من أعماق الأرض. هذه الجذور هي التي منحتها الثبات."

وهكذا، أدرك الجميع أن القوة الحقيقية ليست في المظهر الخارجي، بل في العمق والجذور الراسخة.

🌟 بين القصة والواقع

الزهرة الصامدة ليست مجرد حكاية، بل هي رمز للإنسان المؤمن. فقد يبدو ضعيفًا أمام أعين الناس، لكنه حين يكون متشبثًا بالله، فإن قلبه يظل قويًا مهما كانت الظروف.

قال تعالى:

{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27].

🌙 دروس نتعلمها من الزهرة

  • القوة الحقيقية ليست في المظاهر: كثيرون يبدون أقوياء لكنهم ينهارون سريعًا، بينما المؤمن الثابت يبقى راسخًا.

  • الجذور = الإيمان: كما أن جذور الزهرة تحميها من العواصف، فإن الإيمان هو الذي يثبت القلوب في الأزمات.

  • المحن تصنع القوة: كل تجربة صعبة تزيدنا صبرًا وصلابة.

  • التوكل على الله هو سر الطمأنينة: من يتوكل على الله فلن يخذله أبدًا.

🌸 كيف نصبح مثل الزهرة الصامدة؟

  • التوكل على الله: اجعل اعتمادك الأكبر على الله لا على البشر.

  • المداومة على الذكر: الأذكار حصن يحميك من الخوف والقلق.

  • الصلاة في وقتها: هي غذاء الروح كما الماء غذاء النبات.

  • الدعاء وقت الشدة: فهو المفتاح لفتح أبواب الفرج.

  • الصبر والرضا: لأن الأزمات مهما طالت فهي مؤقتة.

🕊️ لمحة من الواقع

كم من شخص فقد ماله لكنه لم يفقد إيمانه، فبارك الله له في القليل!
وكم من إنسان فقد أحبابه لكنه بقي قويًا، لأن جذوره متصلة بالله.
وهذا ما يفسر كيف يظل البعض مبتسمًا رغم المآسي، بينما ينهار آخرون لأسباب أبسط.

🌙 خطوات عملية للصمود في وجه العواصف

  • تلاوة القرآن يوميًا: حتى لو صفحة واحدة.

  • الاستغفار المستمر: يفتح أبواب الرزق والرحمة.
  • كتابة النعم يوميًا: لتتذكر فضل الله عليك دائمًا.
  • الصحبة الصالحة: وجود من يذكرك بالله يعينك على الثبات.
  • إحسان الظن بالله: تيقّن أن الفرج قادم مهما طال البلاء.

🌟 النهاية والعبرة

كما بقيت الزهرة الصغيرة صامدة وسط الصخور والعواصف، يمكن لكل واحد منا أن يكون مثلها. قد تكون الحياة قاسية أحيانًا، لكن المؤمن الذي يتصل قلبه بالله لن يسقط، بل يزداد قوة وثباتًا.

"إذا أغلقت الأبواب كلها، تذكر أن باب الله لا يغلق أبدًا."

تعليقات

عدد التعليقات : 0